سلسلة دلائل النبوة ( 7 ) استجابة الله لدعائه

* من أدلة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم التى يستهدى بها أى عاقل أو منصف على أن هذا الرجل مؤيد من عند الله ؛ هى استجابة الله لدعائه ، وتحقيق الله سبحانه وتعالى لتضرعاته .

؛

👈 فإذا ما رفع النبى محمد صلى الله عليه وسلم يديه داعيا ربه ومولاه ؛ غير الله سبحانه وتعالى له نواميس الكون ، وقوانين الطبيعة ، وسنن الأرض … كرامة لنبيه واستجابة لدعاء رسوله .

،

فسيرة النبى عليه الصلاة والسلام وما رواه منها من عاصره ورأى هذه المعجزات تتحقق بين يديه ، شاهد أنه ما رفع يديه يوما إلى السماء داعيا ربه ومولاه ؛ إلا وأيده الله بالاستجابة وتحقيق دعائه ؛ وفى هذا دليل يشهد بصدق هذا الرجل الذى يرفع يديه إلى الله فلا يردهما خائبتين .

…؛

👈 فالله سبحانه وتعالى لا يؤيد بتأييده الكاذب الذي يلجأ إليه، بل يهلِكُه ويفضَحُه، كما قال موسى مخاطباً سحرة فرعون:

ويلكم لا تفتروا على اللّه كذبًا فيُسحِتَكم بعذابٍ وقد خاب من افترى ” (طه: 61)

،

ومن ظن أن الله سبحانه يستجيب ويؤيد الذين يفترون عليه الكذب ؛ فقد أعظم على الله الفرية ؛ يقول تعالى :

إنّ اللّه لا يهدي من هُو كاذبٌ كفّارٌ ” (الزمر: 3 )

👈 يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:

“ومعلوم أن من عوّده الله إجابة دعائه، لا يكون إلا مع صلاحه ودينه، ومن ادّعى النبوة، لا يكون إلا من أبرّ الناس إن كان صادقاً، أو من أفجرهم إن كان كاذباً، وإذا عوّده الله إجابة دعائه، لم يكن فاجراً، بل برّاً، وإذا لم يكن مع دعوى النبوة إلا برّاً، تعيّن أن يكون نبياً صادقاً، فإن هذا يمتنع أن يتعمّد الكذب، ويمتنع أن يكون ضالاً يظن أنه نبي”.

—–؛

👈 من أمثلة استجابة الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام ..

* عندما امتنع المطر اشتكى اعرابي للنبى صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يخطب الجمعة وقال : هَلَكَتِ المَوَاشِي، وانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، قالَ: فَرَفَعَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَيْهِ، فَقالَ:

اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا قالَ أنَسُ: ولَا واللَّهِ ما نَرَى في السَّمَاءِ مِن سَحَابٍ، ولَا قَزَعَةً ولَا شيئًا وما بيْنَنَا وبيْنَ سَلْعٍ مِن بَيْتٍ، ولَا دَارٍ

قالَ: فَطَلَعَتْ مِن ورَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ، انْتَشَرَتْ ثُمَّ أمْطَرَتْ، قالَ: واللَّهِ ما رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا .

،

* ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِن ذلكَ البَابِ في الجُمُعَةِ المُقْبِلَةِ، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ: هَلَكَتِ الأمْوَالُ وانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا، قالَ: فَرَفَعَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قالَ:

اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، ولَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ علَى الآكَامِ والجِبَالِ والآجَامِ والظِّرَابِ والأوْدِيَةِ ومَنَابِتِ الشَّجَرِ” قالَ: فَانْقَطَعَتْ، وخَرَجْنَا نَمْشِي في الشَّمْسِ

،

👈 أرأيتم كيف تغيرت نواميس الكون بأمر الله استجابة لدعاء نبيه ، فتجمع السحاب ونزل المطر بعد جفاف وانعدام سحاب ؟

هل يظن عاقل أن كاذبا يدعوا الله فيستجيب له – فورا- ليزداد أتباعه به فتنة وضلالا ؟

،

* وعندما دعى لأنس بن مالك وقال : “ اللهمَّ أَكثِرْ مالَه وولدَه وبارِكْ له فيه

فاستجاب الله دعاء نبيه عليه الصلاة والسلام ؛ فيقول أنسٌ : فأخبرَتْني ابنتي أني قد رزقتُ من صُلبي بضعًا وتسعين وما أصبحَ في الأنصارِ رجلٌ أكثرَ مِنِّي مالًا .

،

* ودعا صلى الله عليه وسلم بالبركة لعروةَ البارقي … يقول عُروةَ : أعطاني رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ دينارًا أشتَري بِهِ أُضحيَةً أو شاةً فاشتَرَيتُ شاتَينِ فبِعتُ إحداهُما بدينارٍ فأتيتُهُ بِشاةٍ ودينارٍ فدَعا لَهُ بالبرَكَةِ في بيعِهِ فكانَ لوِ اشتَرى التُّرابَ لربحَ فيهِ

وفى رواية أن النبى عليه الصلاة والسلام دعى له وقال : ” اللَّهمَّ بارِكْ له في صفقةِ يمينِه

يقول عروة : فلقد رأيتُني أقِفُ بكُناسةِ الكوفةِ فأربحُ أربعين ألفًا قبل أن أصِلَ إلى أهلي .

،

* وإذا أردنا أن نعرف سر الحافظة التي أوتيها راوية الإسلام أبو هريرة، فلنستمع إليه وقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو كثرة نسيانه للحديث، فيقول: يا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي أسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا أنْسَاهُ؟ قَالَ: ابْسُطْ رِدَاءَكَ فَبَسَطْتُهُ، قَالَ: فَغَرَفَ بيَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ضُمَّهُ فَضَمَمْتُهُ، فَما نَسِيتُ شيئًا بَعْدَهُ .

👈 وفي هذا الحديث فضيلة ظاهرة لأبي هريرة، ومعجزة واضحة من علامات النبوة؛ لأن النسيان من لوازم الإنسان، وقد اعترف أبو هريرة بأنه كان يَكثُر منه، ثم تخلف عنه [أي النسيان] ببركة النبي صلى الله عليه وسلم”.

،

* وعندما جاء أبو هريرة إلى النبى عليه الصلاة والسلام باكيا ، يشتكى له كفر أمه وقال: يا رسول الله، إني كنتُ أدعو أمي إلى الإسلام، فتأبى عليّ، فدعوتُها اليومَ، فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهديَ أمَّ أبي هريرة.

لم يخيب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صاحبَه الوفي، فقال: “اللهم اهدِ أمَّ أبي هريرة

فخرج مستبشراً فرحاً بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم ، يرجو أن تكون سبباً في إسلام أمه…. يقول: فلما جئتُ، فصِرت إلى الباب…. وسمعتُ خضْخضَة الماء، فإذا هي تغتسل للإسلام، وتشهد بشهادة التوحيد .

،

* وأما عبدُ الله بن عباس حبرُ الأمة وتَرْجُمَانُ القرآن، فإن ما أوتيَه من العلم والحكمة كان بفضل الله الذي استجاب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقد وضَع رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يدَهُ في كتِفِهِ أو على منكبِهِ ثمَّ قالَ : ” اللَّهمَّ فقِّههُ في الدِّينِ وعلِّمهُ التَّأويلَ

وهذه الدعوة مما تحققتْ إجابةُ اللهِ النبيَ صلى الله عليه وسلم فيها، فأصبح ابن عباس أحد علماء الأمة، ولُقِّب بـ (حَبْر الأمة) و(ترجمان القرآن ) .

،

* ودعا للسائب بن يزيد بالبركة، فبلغ أربعاً وتسعين سنة، وهو يتمتع بسمعه وبصره، فعن السائب رضي الله عنه قال:

(ذَهَبَتْ بي خَالَتي إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ ابْنَ أُخْتي وجِعٌ، فَمَسَحَ رَأْسِي ودَعَا لي بالبَرَكَةِ)

، قال الجعيد: “رأيت السائب بن يزيد ابن أربع وتسعين، جَلدًا معتدلاً، فقال: قد علمت ما مُتِّعْتُ به سمعي وبصري إلا بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم“.

،

* ودعا لقبيلة دوس بالهداية فقال: (اللهم اهْدِ دوْساً) ، فهداهم الله بعد أن أبَوا الإسلام .

،

* وعندما مرض علي بن أبي طالب رضي الله عنه فدعا له صلى الله عليه وسلم فشفاه الله … يقول على :

مرَّ بي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وأَنا وجِعٌ وأَنا أقولُ : اللَّهمَّ إن كانَ أجَلي قد حضرَ فأرِحني ، وإن كانَ آجِلًا ، فارفَعني ، وإن كانَ بلاءً فصبِّرني .

قالَ : ” ما قُلتَ ؟ ” فأعدتُ عليهِ ، فضَربَني برجلِهِ ،

فقالَ : ” ما قلتَ ؟ ” قالَ : فأعَدتُ عليهِ ، فقالَ : “اللَّهمَّ عافِهِ ، أوِ اشفِهِ

قالَ : فما اشتَكَيتُ ذلِكَ الوجَعَ بعدُ .

،

* ومن ذلك أيضاً دعاؤه للمدينة المنورة لما هاجر إليها، وكانت من أوبأ أرض الله، كما قالت عائشة رضي الله عنها، فدعا الله لها بالبركة، وأن ينقل حُمّاها إلى الجحفة (قرية بين مكة والمدينة) فكان ذلك .

فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

” اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في صَاعِنَا وفي مُدِّنَا، وصَحِّحْهَا لَنَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا إلى الجُحْفَةِ “

==== ؛

👈 وكما يستجيب الله دعاء أنبيائه لأصحابهم ؛ فإنه يستجيب لهم إذا دعوا على الكافرين بنبوتهم أو على العاصين من أتباعهم .

* وهكذا كان حالُ خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم ، فقد سجد صلى الله عليه وسلم ذات مرة، فوضع المشركون سَلَا الجزور وقذرَها على ظهره الشريف، وأخذوا يتضاحكون، فدعا عليهم عليه الصلاة والسلام رَفَعَ صَوْتَهُ، ثُمَّ دَعَا عليهم، وَكانَ إذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا، وإذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قالَ: ” اللَّهُمَّ، عَلَيْكَ بقُرَيْشٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ “

، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَهُ ذَهَبَ عنْهمُ الضِّحْكُ، وَخَافُوا دَعْوَتَهُ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ، عَلَيْكَ بأَبِي جَهْلِ بنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بنِ رَبِيعَةَ، وَشيبَةَ بنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بنِ عُقْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَذَكَرَ السَّابِعَ وَلَمْ أَحْفَظْهُ، فَوَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بالحَقِّ، لقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ سَمَّى صَرْعَى يَومَ بَدْرٍ، ثُمَّ سُحِبُوا إلى القَلِيبِ، – قَلِيبِ بَدْرٍ –.”

،

* ولما هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ورأى إدبار قريش وإعراضهم وصدهم عن الإسلام، قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( اللَّهمَّ سَبْعًا كسَبْعِ يوسفَ ) فأخَذتْهم سَنةٌ حتَّى أكَلوا الميتةَ والجلودَ وينظُرُ أحدُهم إلى السَّماءِ فيرى كهيئةِ الدُّخانِ .

فجاءه أبو سُفيانَ فقال: يا محمَّدُ إنَّك جِئْتَ تأمُرُ بطاعةِ اللهِ وصلةِ الرَّحِمِ وإنَّ قومَك قد هلَكوا مِن جوعٍ فادعُ اللهَ لهم قال اللهُ جلَّ وعلا: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10] إلى قولِه: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} [الدخان: 16] فالبَطشةُ يومُ بدرٍ.

👈 وان تعجب من استجابة الله سبحانه لدعاء نبيه عليه الصلاة والسلام ؛ فالأشد عجبا هو استغاثة الكافرين بدعوته به وتوسلهم إليه أن يدعوا الله لهم ؛ فلما فعل عليه الصلاة والسلام كشف اله عنهم ما هم فيه .

،

* واستهزأ عتيبة بن أبي لهب بالقرآن ، فكُتب مع أبويه في سجل الهالكين؛ ودعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يموت بين أنياب السبُع، فقال: ( اللهم سلِّطْ عليه كلبًا مِن كلابِكَ)

فكانت دعوة نبي أجابها الله، حين خرج عتيبة في قافلة يريد الشام، فنزل منزلاً، فقال: إني أخاف دعوةَ محمد صلى الله عليه وسلم.

فحطوا متاعهم حوله، وقعدوا يحرسونه، فجاء الأسد فانتزعه، فذهب به.

وفي رواية لابن عساكر أن أبا لهب قال: قد عرفت أنه لا ينفلت عن دعوة محمد .

،

* وعندما قعد بُسر الأشجعي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وجلس يأكل بشماله، فلما ذكّره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأكل باليمين استكبر عن قبول الحق فقال: لا أستطيع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا اسْتَطَعْتَ، ما مَنَعَهُ إلَّا الكِبْرُ)، فما رفعها إلى فيه .

؛

أي عاجلته استجابة الله لدعوة نبيه عليه الصلاة والسلام ؛ فشُلت يمينه للتو، جزاءَ استكباره عن قبول الحق والإذعان له .

=== ؛

⭐️ وهكذا نرى فى جميع مواقف النبى محمد عليه الصلاة والسلام ؛ فما دعى ربه قط إلا وغير الله له سنن الكون وقوانين الطبيعة لكى يُحقق له دعواته .

،

فالمفترون الكاذبون على الله لا يؤيدهم الله بعونه، ولا يمدهم بمدده،ولا يُجيب لهم دعواتهم … قال تعالى:

( قل إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون ) { يونس: 69}

👈 لكن النبي صلى الله عليه وسلم ما خاب يوما ولا خسر، بل هُدي وأفلح على مدار الأزمان ، ودينُه فى الأرض أعظمُ الأديان . 💚

#دلائل_النبوة

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *