سلسلة دلائل النبوة ( 5 )الثقة فى وعد الله

من أدلة نبوة النبى محمد عليه الصلاة والسلام ، هى شدة يقينه وثقته فى وعد الله له ، فقد كان عليه الصلاة والسلام صاحب ثقة ويقين بالله تعالى ؛ لم يهتز يقينه ولم يتزعزع إيمانه فى أشد لحظاته ابتلاءا وفى أحلك أوقاته صعوبة .

،

فقد كان يرى الخطوب والصعوبات والابتلاءات بعين الغيب التى أطلعه الله عليه ؛ فكان يعلم علم اليقين أن الله ناصر دينه حتى في أشد اللحظات وأحرج الساعات … واضعا نصب عينيه قول الله تعالى : ( كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ )

….؛

هذا اليقين بنصر الله كان واضحا جليا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ رأيناه ولمسناه من خلال سيرته الشريفة التى تؤكد لكل عاقل أن هذا يقين من يعلم أن كلامه حق وبشرياته صدق ، فلا مجال فى مثل هذه المواقف للكذب أو للادعاء

،

* فالعقل يقف عاجزا عندما يتساءل : كيف لرجل خرج فى قرية فى وسط الصحراء لم يكن لها ذكر فى التاريخ ، قال أنه رسول من عند الله فآذاه قومه واضطهدوه وعذبوا أصحابه وقتلوهم ؛ ثم يجد لديه من الجرأة والثقة فى موعود الله ما يجعله يقول :

(إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها)


يا تُرى … ما هى المقدمات التى جعلت هذا الرجل الوحيد الفريد المضطهد يتكلم بمنتهى الثقة واليقين أن رسالته ستبقى وأن ملك أمته سيكون من مشارق الأرض إلى مغاربها ؟


ان لم يكن رسولا من عند الله ؛ فلم أيده الله وحقق له ما وعده به ؟

؛

لا إجابة إلا .. إنما هى الثقة واليقين من رسول رب العالمين بما وعده إياه من النصر والتمكين .

،

* و عندما جاءه أصحابه فى مكة يشتكون له من تعذيب قريش لهم ، ومنهم خباب بن الأرت -رضي الله عنه- الذى كان يُلقى على النار فلا يُطفئها إلا شحم ظهره … ويقولون : يا رسول الله ..أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لنا، ألا تدعو الله لنا؟


فيجيبهم النبى عليه الصلاة والسلام قائلا : ” …. والله لَيُتِمَّنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غَنَمِه، ولكنكم تستعجلون


رجل وحيد مضطهد بين قومه ، وأصحابه يُعذبون أمام ناظريه .. كيف يثق فى موعود الله لهذه الدرجة ويبشر أصحابه أن الله سيُتم له الأمر ؟

،
* ولنتأمل فى هذه الثقة العجيبة التي أظهرها النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء ؛ عندما وصل المشركون إلى فتحة الغار وكادوا أن يروا النبي صلى الله عليه وسلم وابوبكر الصديق …. ليس لهم من غرض ولا نية إلا قتل الرجلين !

؛فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا

….. يقول أبوبكر رضي الله تعالى عنه : نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم علي رؤوسنا فقلت: يا رسول الله لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا. فقال: (( ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما))

،يقول الدكتور غاري ميلر وهو مُنصِّر سابق إعتنق الإسلام … يقول في كتابه القرآن المُذهل :

لو كنت في موقف الرسول صلى الله عليه وسلم وهو وأبو بكر مُحاصران في الغار، بحيث لو نظر أحد المشركين تحت قدميه لرآهما. ألن يكون الرد الطبيعي على خوف أبي بكر: هو من مثل ” دعنا نبحث عن مخرج خلفي ” ، أو ” أصمت تماماً كي لا يسمعك أحد ” ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال بهدوء: ” لا تحزن إن الله معنا ” ، ” الله معنا ولن يضيعنا ” .

👈هل هذه عقلية مُدُّعي كاذب ، أم عقلية نبي ورسول يثق بعناية الله تعالى له ؟


،* وفى حادثة الهجرة ..مضى سُراقة يطوي الأرض لكى ينال الجائزة -مئة ناقة- لمن يقتل محمدا ؛ فعندما رآه ساخت الفرس فإذ هي قد رسخت في الأرض كأنما سمرت بمسامير من حديد .. القصة …ولما همّ بالانصراف قال له النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – النبي الملاحق ، المطرود والمهدور دمه- …. يقول عليه الصلاة والسلام وهو في أضعف حالاته : ( كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى ؟ ) هل تعرفون معنى هذا الكلام ؟
👈يعني أن النبي عليه الصلاة والسلام واثق كل الثقة أنه سيصل إلى المدينة سالماً ، وأنه سيؤسس كياناً إسلامياً ، وأن هذا الكيان سيحارب أكبر دولتين في العالم كسرى والروم ، وأن كسرى سثهزم ، وأن تاجه وثيابه وسواريه سيؤتى بها إلى المدينة من غنائم الحرب … ثم يلبس سراقة سواريه !!
أيعقل أن يكون هذا كلام ونبوءة نبى كاذب ؛ أم رجل مؤيد من عند الله قد شق الله له حجب الغيب ؟ ،
* وفى غزوة بدر لم تكن المعادلة العسكرية متكافئة اطلاااقا ؛ فقريش كان عددها ألفاً، معهم مائتا فرس ، في حين كان عدد المسلمين ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، وما كان معهم إلا فرَسان … فقط !
ومع ذلك يُبشر النبي محمد صلى الله عليه وسلم أصحابه بالنصر فيقول بيقين وثقة من نصر الله : : ( سيروا وأبشروا، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم ).

👈من أين له هذه الثقة بنصر الله ومقدمات حرب كهذه لا تعنى إلا ابادة المسلمين عن بكرة أبيهم ؟
،

* وفى غزوة الأحزاب اجتمع على المسلمين أهل الشرك والكفر من أقطار الجزيرة العربية ، وحاصروا المسلمين فى المدينة ، وخانهم اليهود ، وخذلهم المنافقون …


،

وفى هذه الظروف العصيبة … حفر المسلمون الخندق وهم فى جوع شديد وتعب لا يوصف وشدة برد لا يتحملها انسان … وكان حالهم كما أخبر الله تعالى : ( هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا )


،وفى وسط هذه الظروف التى توقع منها أهل الكفر نهاية الإسلام وأهله ، والقضاء على محمد وأتباعه ؛ يأتى المسلمون يشتكون لرسول الله صخرة قابلتهم وهو يحفرون الخندق لم تأخذ فيها المعاول

..؛
فيقوم النبى عليه الصلاة والسلام وهو متعب فجاء فيأخذ المعول ثم يقول:

باسم الله، فضرب ضربة، فكسر ثلث الحجر، وقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا، ثم قال: باسم الله، وضرب أخرى، فكسر ثلث الحجر، فقال: الله أكبر، أُعْطيتُ مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن، وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا، ثم قال: باسم الله، وضرب ضربة أخرى، فقلع بقية الحجر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا .

👈 ما هذه الثقة التى تجعل رجلا محاصرا هو وأصحابه من ملل الكفر ، ينهش الجوع والبرد والتعب فى أجسادهم … ثم لا يكتفى أن يبشرهم بالنصر والخروج من الحصار سالمين … أبدا ؛ بل يعدهم باخضاع أكبر امبراطوريتين على ظهر الأرض ( الفرس والروم ) ، وبفتح الشام وفارس واليمن !!

؛

وبعكس المتوقع … يتحقق للمسلمين كل ما بشرهم ووعدهم به نبيهم عليه الصلاة والسلام ؛ والذى كان وقت سماعهم له .. ضربا من الجنون .

،

والمتتبع لسيرة النبى عليه الصلاة والسلام يجد الكثير من هذه المواقف التى يتنبأ فيها النبى عليه الصلاة والسلام بنبوءات تسير عكس حركة التاريخ لحظة التكلم بها ، ويخالفها الواقع ولا تساعدها المقدمات ؛ مما اعتبرها الكفار والمنافقين وقتها ضربا من الخبل والجنون !


هذا اليقين الذى كان يتكلم به نبى الإسلام عليه الصلاة والسلام وهو يشق حجب الغيب التى تخالف كل ما هو متوقع ومنطقى ، وثقته المطلقة فى وعد الله له ؛ ثم رؤيتنا لهذه النبوءات تتحقق أمام أعيننا …
لهو دليل واضح وصريح على أن هذا الرجل … رسول من عند الله 💚

صلى الله عليه وسلم . 💚

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *