الرد على شبهة مراجعة موسى لمحمد ليلة الإسراء والمعراج -عليهما الصلاة والسلام-

* أولا : يتخيل أغلب النصارى بجهل طافح أن إله المسلمين ” الله عز وجل ” له نفس الصفات التى يتميز بها إلههم ؛ ولكن شتان بين إله الإسلام العليم العالم العلام ، وبين إله النصارى الجاهل الجهول المجهال

فالله سبحانه يعلم ما كان وما سيكون ومالم يكن لو كان كيف كان يكون ؛يقول تعالى:

( يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى )

أي: يعلم سر الإنسان وكل ما أسره في نفسه ، ويعلم الأخفى من السر وهو الشيء الذي يهم به ولكنه لم يحدث به نفسه جازماً.

،

ويستوى عند الله تعالى علم الغيب والشهادة ؛ كما يقول سبحانه :

( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ )

..؛

بعكس إله النصارى الذى لم يعلم أن آدم أكل من الشجرة إلا بعد نزل يبحث عن آدم وأخبره آدم أنه أكل من الشجرة .. فغضب منه كما فى تكوين 3

” فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلَهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ. 9فَنَادَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ: «أَيْنَ أَنْتَ؟». …..11فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» “

،

– ولم يكن يعلم ما يدور فى ملكه إلا بعد أن يراه ؛ فلم يكن يعلم الغيب ؛كما فى تكوين 18

” وَقَالَ الرَّبُّ: «إِنَّ صُرَاخَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَ وَخَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدّاً. 21أَنْزِلُ وَأَرَى هَلْ فَعَلُوا بِالتَّمَامِ حَسَبَ صُرَاخِهَا الْآتِي إِلَيَّ وَإِلَّا فَأَعْلَمُ».”

،

– حتى بعد أن تجسد كان يجهل موعد يوم القيامة ؛ كما فى مرقس 13: 32

” وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ الاِبْنُ إلاَّ الآبُ “

،

– وكان يجهل حتى وقت إثمار الشجر الذى خلقه وحدَّدَ له وقت إثماره ؛ كما فى متى 21: 18

” وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ 19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ وَرَقاً فَقَطْ. “

…؛

فالله سبحانه وتعالى يقينا كان يعلم ما سيدور بين النبى محمد وبين موسى عليهما الصلاة والسلام ؛ وهو الذى قدره وسمح به ؛ فلا يدور فى ملك الله إلا ما علمه الله وسمح به قدرا أو شرعا .

ولكن الله سبحانه وتعالى يهيىء الأسباب لتنفيذ مشيئته ؛ كما كان أكل آدم من الشجرة سببا فى وجود يسوع  ، ورحم العذراء سببا لميلاد الإله ، والشيطان سببا لتسليم الإله للصلب ، واليهود والرومان سببا لتنفيذ خطة الفداء … مجرد أسباب لتنفيذ مشيئة الله –بزعمكم- !!

فلولا موسى لكان عدد الصلوات 50 ؛ ولولا الشيطان الذى دخل فى يهوذا لبطلت خطة الفداء والخلاص !

=== ؛

* ثانيا : السبب الذى جعل موسى عليه السلام يراجع النبى محمد صلى الله عليه وسلم ليس هو الوصاية ولا جهل الإله –سبحانه- كما فهم معاشر النصارى بعقلهم المرشومى ؛ بل كانت نصيحة لأخيه فى النبوة .

فلو قرأ أحدهم الحديث كاملا لقرأ قول موسى : ( فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ )

،

– يقول القرطبي: «الحكمة في تخصيص موسى عليه الصلاة والسلام بمراجعة النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الصلاة، لعلها لكون أمة موسى كلفت من الصلوات ما لم يكلف به غيرها من الأمم فثقلت عليهم فأشفق موسى على أمة محمد- عليهما الصلاة والسلام- من مثل ذلك ويشير إلى ذلك قول موسى: «إني قد جربت الناس قبلك».

،

-وفي قول موسى عليه السلام: «ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فقد عالجت الناس قبلك» دليل على أن علم التجربة علم خاص زائد  على العلوم، ولا يقدر على تحصيله بكثرة العلوم ولا يُكتسب إلا بالتجربة.

 لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس وأفضلهم ؛ خاصة وهو حديث عهد بالكلام مع ربه تبارك وتعالى ، وورد إلى موضع لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل، ثم مع هذا الفضل العظيم قال له موسى عليه السلام: «أنا أعلم بالناس منك» ، وذكر له العلة التي لأجلها كان أعلم منه بقوله: «عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة».

؛

-وقد ورد أن الصلاة التي كُلّف بها بنو إسرائيل ركعتان بالغداة وركعتان بالعشي ؛ ومع هذا لم يقوموا بذلك ؛ فكانت ” النصيحة ” من موسى لأخيه فى النبوة محمد ، ورحمته بأمة محمد هى الدافع لطلبه من النبى عليه الصلاة والسلام مراجعة ربه ؛ وليست الوصاية كما يدعى صغار العقول .

=== ؛

* ثالثا : لا مانع عقلى أو شرعى يمنع أن يأمر الله سبحانه أمرا لم يُرد وقوعه أو تنفيذه شرعا ولا قدرا ؛ ثم ينسخ هذا الأمر للأخف منه والأيسر ؛ لبيان رحمته بعباده وتخفيفه عنهم .


– مثل قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [الأنفال: 65].

فهذه الآية نسخت بالآية التي بعدها، وهي قوله تعالى: ﴿ الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 66].

؛

– وكما أمر الله تعالى نبيه ابراهيم بذبح وحيده وابنه البكر اسماعيل ؛ وقبل الذبح قال تعالى :

( فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ )

فقد ينسخ الله تعالى أمره ؛ تخفيفا وتيسيرا لعباده .

؛

وقصة فرض الصلاة ونسخها من خمسين إلى خمس كانت من هذا الباب ؛ ولذا قال الله تعالى فى آخر الحديث :

( أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي )

،

– يقول الحافظ ابن حجر فى قوله ( خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً ) : والمراد : هنَّ خمس عدداً باعتبار الفعل ، وخمسون اعتدادا باعتبار الثواب .

” فتح الباري ” ( 1 / 463 ) .

،

– فطلب النبى محمد عليه الصلاة والسلام التخفيف من ربه ؛ لا يُنافى القبول والتسليم للأمر الأول ؛ إنما هو طلب من عظيم واستجداء من كريم ودعاء للعليم أن يخفف عن الأمة ؛ فاستجاب سبحانه ؛ وقضى الأمر الذى علمه أزلا ، وأتم ما قدره على أمة الإسلام .

( أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي )

=== ؛

* أخيرا : بالطبع تفاسير النصارى للنصوص الإسلامية لا تُقنع غيرهم ، ولا يوجد عليها دليل وااااااااااحد من مصدر اسلامى يقول بمثل ما قالوا !!

إنما هى دهلكة وتهيؤات فاسدة ؛ قد يكون مصدرها تناول قربانة فاسدة أدت إلى ضمور فى مراكز الفهم !!

،

– فمن غير الطبيعى أن يعترض النصارى على بعض النصوص الغيبية الإسلامية ؛ فى الوقت الذى يجهلون فيه مصائب وكوارث فى كتابهم المقدس !!!

-فقد ورد فى كتابهم (تكوين 18) مراجعة ابراهيم للرب عندما أراد أن يُهلك سدوم (وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَكَانَ لَمْ يَزَلْ قَائِماً أَمَامَ الرَّبِّ. 23فَتَقَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ: «أَفَتُهْلِكُ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ؟ ) ؛ فها هو إبراهيم يراجع إلهكم بذاته ، ويعترض على أوامره  ؛ وليس مجرد نبى ينصح أخيه فى النبوة ليطلب من الله ما قدره سبحانه منذ الأزل .


..؛

-راجع إبراهيم الرب ؛ ( فَقَالَ الرَّبُّ: «إِنْ وَجَدْتُ فِي سَدُومَ خَمْسِينَ بَارًّا فِي الْمَدِينَةِ، فَإِنِّي أَصْفَحُ عَنِ الْمَكَانِ كُلِّهِ مِنْ أَجْلِهِمْ )

طيــــب يـا رب لــو الخمســين نقصــوا خمــسة ؛ قال: ( لاَ أُهْلِكُ إِنْ وَجَدْتُ هُنَاكَ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ).

معـلـش يـا رب لـو كانـوا هــناك أربـعـين بارا ؛ فَقَالَ: ( لاَ أَفْعَلُ مِنْ أَجْلِ الأَرْبَعِينَ )

سـامحنــي يـارب يمكن يـكـونـوا ثلاثيــن فـقـط ؛فَقَالَ: ( لاَ أَفْعَلُ إِنْ وَجَدْتُ هُنَاكَ ثَلاَثِينَ)

طب يا رب مفيـش حتـي عشـرين بارا ؛ فَقَالَ: ( لاَ أُهْلِكُ مِنْ أَجْلِ الْعِشْرِينَ )

ولـو فـي عشــرة ابـرار فـي المديـنـة ؛ فَقَالَ: (لاَ أُهْلِكُ مِنْ أَجْلِ الْعَشَرَةِ (

فلم لا يعترضون على مراجعة نبى لإلههم ؟


،

– وورد فى كتاب النصارى (قضاة6)  قصة جدعون الذى لم يصدق مَلاَكُ الرَّبِّ حين ظهر له ؛ بل بحسب قاموس الكتاب المقدس أن الذى ظهر له هو ” الله ” بذاته !!

(فوجيء بزيارة الرب له في هيئة ملاك…لا شك إطلاقا في أن دعوة جدعون كانت من الله، و أن الصوت الذي كلمه هو صوت الله. )

،

ولم يصدق الرب نفسه حين نزل وقال له : ” إِنِّي أَكُونُ مَعَكَ “

،

ولم يقتنع باختبار التقدمة عندما تقبل الرب ما قدمه من اللَّحْمَ وَالْفَطِيرَ وَالْمَرَقَ

،

ولم يكتف باختبار الرب عندما طلب طَلٌّ عَلَى جَّزَةَ الصُّوفِ وَحْدَهَا, وَجَفَافٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا …؛ بل عكس الاختبار للرب فطلب جَفَافٌ فِي جَّزَةَ الصُّوفِ وَحْدَهَا وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ طَلٌّ !!!

👈 كل هذا والرب يفعل ما يطلبه من جدعون فى كل مرة يختبره فيها جدعون ؛ كما سلم نفسه للشيطان فى العهد الجديد ليختبره أربعييييييين يوما كاملة ولم يعترض !!!

…؛

-لو وردت أمثال هذه القصص فى كتاب لتم منعه من النشر بتهمة اهانة الذات الإلهية ؛ ولكن ها هى التوراة – والإنجيل من بعدها – تنسب إلى ” الله ” سذاجة وضعف يتنزه العقلاء من البشر من نسبتها إلى أنفسهم .

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *